طاقة الرياح في المباني العالية (2)

تعديل مناخ الرياح بالبيئة الحضرية
معظم مزارع الرياح التجارية تقع في بيئات ريفية مفتوحة جدا، مستغلة الملامح الطبوغرافية المحلية لتسريع السريان.
تميل أحوال الرياح في البيئات الحضرية للاختلاف الشديد. تأثر البيئات الحضرية على طبقة الحدود  يبين كيف تبطئ المباني الرياح قرب الأرض، وتزيد الاضطراب في الرياح. تعمل التوربينات بأكبر كفاءة في بيئات الاضطراب القليل لذا يجب الحرص عند تحديد أنواع التوربينات التي تتوافق مع الاضطراب الموجود والتغيرات المستقبلية المحتملة في الاضطرابات كنتيجة للبيئة الحضرية.
يحتمل أن يفرض التطوير الحضري أحد أكبر التحديات أمام زيادة استخدام التوربينات في المباني الطويلة. في مراكز المدن، تعني قيود الارتفاع غالبا أن العديد من المباني الطويلة لها ارتفاعات مماثلة. حتى لو كان المبنى طويلا جدا، إذا كانت كل المباني المحيطة من نفس الارتفاع فإن احتمال رؤية ظروف مناسبة لتركيب توربينات فعال تتناقص بشدة.
الديناميكا الهوائية الأساسية للمبنى الطويل
كما ناقشنا في الأجزاء السابقة، من المرغوب وضع التوربينات في مناطق سرعات الرياح المرتفعة والاضطراب المنخفض. وصف سريان الرياح حول المباني الطويلة يمكن أن يكون معقدا تماما وقد تمت دراسته بعمق لعدة أعوام (سيرماك، 1971، 1975، و1976). إذا رسمنا كروكي مبسط لظاهرة السريان المتوسط، سيكون هناك ضغط موجب على الجانب المواجه للرياح وضغط سالب على الجانب المحجوب عن الرياح والجوانب. حيث أن الهواء – أو أي مائع آخر- سيسري بطبيعة الحال من مناطق الضغط المرتفع إلى الضغط المنخفض فإن هذا يعني ضمنيا أن المواقع الأكثر فاعلية لتوربينات الرياح ستكون إما في طبقات القص المتسارع حول طرف وقمة المبنى أو في مسارات أنشئت خصيصا تربط مناطق الضغط المرتفع والضغط المنخفض. لاحظ أن سرعات الرياح القريبة من مركز السطح قد تكون منخفضة حيث أن هذه المساحة تكون في الغالب منطقة سريان منفصل.
تشكيل المباني الطويلة لزيادة كفاءة توربينات الرياح
يمكن استخدام تشكيل المباني الطويلة بفاعلية لتعزيز أداء توربينات الرياح. هناك مثالان هما مركز التجارة العالمي في البحرين وبرج نهر بيرل في الصين. برج مركز التجارة العالمي في البحرين مشكل بحيث يخلق تأثير فنشوري، واضعا توربينات المحور الأفقي بين اثنين من أجنحة المبنى. هذا الأسلوب يعمل بوضوح على لعدد محدود من اتجاهات الرياح، لكن قد يكون مفيدا في موقع به اتجاه رياح سائد. قصر توجيه توربينات المحور الأفقي يحد بشدة من الكفاءة المكتسبة من استخدام هذا النوع من التوربينة. في برج نهر اللؤلؤة هناك شقوق في البرج تستخدم لتخفيف الضغط بين مقدمة وخلف البرج حيث شكلت هذه الشقوق بالديناميكا الهوائية لزيادة السريان عبرها. مرة أخرى، هذا الأسلوب فعال جدا لعدد قليل من توربينات الرياح وله ميزة تسريع السريان، ليس هذا فقط وإنما بسبب طبيعة الانضغاط، فإنه يقلل الاضطراب.
أداوت التنبؤ بتوليد قدرة الرياح – تحليل مناخ الرياح
الجزء الأول من تقييم ملائمة المباني الطويلة لإدخال طاقة الرياح هو فهم مناخ الريح المحلية. بعكس مزارع الرياح الريفية – حيث قد يقع أقرب أنيمومتر على بعد عدة أميال- للمدن أطوال تسجيل معقولة من المطارات القريبة. هذا لا يعني بالضرورة أن نقول أنها سجلات جيدة أو موثوقة. ليس غريبا على الإطلاق أن ترى خصائص اتجاهية مبهمة بسبب الوضع السيئ للأنيمومتر قرب المباني. أينما أمكن، يجب استخدام سجلات عدة مواقع للمراجعة. قاعدة الإبهام هي استخدام أقل سجل في عشر سنوات لضمان قوة الإحصاء. أيضا أحيانا تكون الاتجاهات واضحة ولا تعكس التغيرات المناخية، لكنها تشير أكثر لتغير البيئة الحضرية القريبة من موقع الأنيمومتر. في كل الحالات، المرحلة الأولى هي تصحيح البيانات بالرجوع لمعادل تعرض الريف المفتوح لمحاكاة القراءات التي فد تظهر في غياب أي تطوير. هناك عدد من الطرق لعمل هذا، ومن أكثرها شيوعا الأسلوب الذي صنفته ESDU (1993 أ، 1993ب) بناء على عمل ديفز وهاريس. إذن يمكن استخدام نفس هذا الأسلوب لنقل البيانات إلى موقع البناء المحتمل. إذن سيبين هذا سرعات الرياح وكثافات الاضطراب التي يمكن توقعها في المنطقة عموما. إنه لا يعطي معلومات مفصلة عن آثار المباني المتجاورة. يجب بحث هذا في نفق الرياح.
عندما تكون هناك سجلات أنيمومتر على بعد مسافات معقولة من الموقع، يمكن استخدام نمذجة بمقياس متوسط لتحديد مناخ الرياح للمنطقة. يستخدم هذا مدخلات من سجلات الطقس التاريخية، ربما على بعد مئات الكيلومترات لإعادة توليد نظم الطقس التي سادت وقتها. متى خلقت هذه الأحداث، يمكن بحث الآثار في مواقع أخرى. إنه أسلوب شائع الاستخدام لمواقع التوربينات الريفية. من أمثلة ناتج هذا النوع من العمل، ما أجرته CPP وهو مبين في شكل 9.
أدوات للتنبؤ بتوليد قدرة الرياح- الديناميكا الهوائية الحسابية
الديناميكا الهوائية الحسابية (CFD) هي جزء حيوي من صندوق أدوات المصمم الذي يرغب في إدخال توربينات الرياح بكفاءة في مبنى. إنه، على أي حال، أداة تطورية تستخدم غالبا في تحريك التصميم إلى مرحلة الاختبار التجريبي.
الدور الأول الذي يمكن أن تلعبه CFD هو تطوير أشكال توربينات جديدة لأفضل ملائمة لبيئة التركيب. للمباني الطويلة التي يمكن أن تضم – لضرورات الفراغ- عددا محدودا من التوربينات، قد لا تضمن الميزانية دوما عمل تصميمات توربينات خاصة. عموما، CFD أداة مفيدة في التنبؤ بالكفاءة المقارنة لمختلف التصميمات أو فعالية تعديلات التصميم. المقارنة مبينة في شكل 10 لتنبؤات CFD وقياسات نفق الرياح، لكفاءة التوربينة.
عندما تتم دراسة أشكال مباني بديلة لتعزيز كفاءة التوربينات، يمكن أن تكون CFD وسيلة مفيدة في بحث الفوائد العامة لمختلف الأشكال. يمكن أن تكون هذه وسيلة بصرية مفيدة جدا في تحديد أنماط السريان ونواحي التصميم المؤدية إليها. إنها تقدم طريقة سريعة نسبيا لصنع واختبار عدد كبير من خيارات التصميم.
تكون CFD أضعف في مجال التنبؤ بالسريان في البيئات الحضرية شديدة الكثافة. حاليا، ليس هناك قدرة حسابية كافية للنمذجة الدقيقة لآثار الاضطراب في البيئية المبنية. حيث أن الاضطراب من أهم العناصر التي تؤثر على كيفية سريان الرياح حول المباني فإن هذا يجعل CFD أداة غير ملائمة للاستخدام أكثر من المقارنة العامة لبدائل التصميم. بالتأكيد لا يمكنها أخذ آثار المباني المحيطة أو إعطاء نصيحة كمية صريحة عن خرج الطاقة المتوقع. لهذه المهام، نحتاج لتحليل مركب باستخدام CFD ونفق الرياح.
أدوات التنبؤ بتوليد قدرة الرياح- قياسات نفق الرياح
تستخدم قياسات نفق الرياح أولا كأداة تصميم في تطوير التوربينات. من الشائع اختبار عدد من تعديلات التصميم المختلفة أثناء اختبار ما. عموما، من الصعب أن ننمذج بدقة الآثار الكاملة للاضطراب في نفق الرياح؛ حيث أن مقياس الاضطراب الذي يمكن توليده محدود بالحجم الفيزيائي للنفق.
أيضا يمكن استخدام نفق الرياح لتحديد آثار المباني والأرض المحيطة على الظروف في الموقع المقترح (ديركسون&بيتركا، 2004). 
أدوات التنبؤ بقدرة توليد الرياح – قياسات الميدان
من الشائع عمل اختبار ميداني لتصميمات التوربينات الجديدة قبل إنتاجها أو تركيبها على مستوى كبير. في مثال لتركيب على موقع اختبار ميداني لشركة CPP، زودت التوربينة بأدوات وركبت في بيئة رياح مناسبة بجوار سارية أنيمومتر مرجعية تعطي معلومات حاسوبية فورية عن أحوال الرياح. من هذا يمكن حساب كفاءة التوربينة حسب المعادلة رقم 1.
لماذا نضم توربينات الرياح في تصميمات المباني الطويلة
ناقشت الأجزاء السابقة ممارسة تصميم توربينات الرياح للمباني الطويلة. لكن، هل يستحق الأمر التجربة؟ بالتأكيد، إنها بيان بيئي عن المبنى لكن كم هو عملي؟
في دراسات حديثة أجرتها CPP، لوحظ خرج قدرة في حدود 1.5 – 90 ميجا وات ساعة سنويا للتوربينة الصغيرة رأسية المحور؛ التوربينات الصغيرة أقل من 15 متر ارتفاع.إنها مركبة على المباني التي لم تصمم خصيصا حول توربينات الرياح، لكن لها بعض تعديلات التصميم للوصول لأمثل إضافات التوربينات. خرج القدرة حوالي 1 إلى 2% من خرج قدرة توربينة واحدة كبيرة (70 م محور أفقي) واقعة في بيئة ريفية قريبة. تكلفة التوربينات في إحدى الحالات سببت 2/3 من ميزانية " الملامح الخضراء" للمبنى ولكنها تولد فقط 10% من متطلبات القدرة للمبنى. في هذه الحالة، فإن العرض البصري الكبير للتوربينات أخذ السبق. رغم أن التوربينات المدمجة لها ميزة عدم الحاجة لشبكات توزيع قدرة كبيرة، هل ربما كان يجب إنفاق المال على استثمار في مزرعة رياح ذات موقع أفضل؟ التقييم الحريص لإمكانيات قدرة الموقع الخاصة ودراسة الجدوى الاقتصادية الاجتماعية المفصلة؛ يمكنهما أن يساعدا على تقديم الإجابة.
الخاتمة
عند تقييم ميزة توربينات الرياح في المباني، من الهام دراسة ظروف الرياح قرب سطح المبنى والتي تختلف كثيرا عن ظروف الرياح في المنطقة، بسبب تأثير المنشآت المجاورة وآثار المبنى نفسه. ستكون الرياح بالطبع أكثر عصفا، وبالتالي غير منتظمة حول ريش التوربينة، مما يؤثر بشدة على التوربينة. هناك عدد من الأدوات المتاحة لتقييم كلا من أداء التوربينة وبيئة الرياح المحلية، وتشمل محاكاة نفق الرياح، محاكة الحاسب، والاختبار على نموذج بالحجم الطبيعي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفوائد الصحية للحدائق في المستشفيات

فهم روح المكان والمحافظة عليها